سياسة الحجي الاقتصادية
من
خلال دراستي للأسباب التي أدت لضعف الدول العربية وانتشار الفقر والجهل فيها
تناولت الجانب الاقتصادي الذي أدهشني ما وجدت فيه نحن أمة تصنع منذ القدم الم يكن
السيف الدمشقي من حير علماء المواد إلى يومنا هذا الم نكن ناكل مما نزرع ونلبس مما
تعطينا مواشنا من فرائها وصوفها الم تشهد لنا الآثار التاريخية في ماري و تدمر
والبتراء قصور المغرب والأندلس على عراقة العمران لدينا وهذا سببه الخبرة والجودة
ووفرة الأموال هذا في مجال الصناعة أما في مجال التجارة الم يكن تجارنا يذهبون من
الغرب الى السند يطفون بتجارتهم بين أوربا غربا والصين والهند شرقا الم يكن طريق التجارة
العالمي (طريق الحرير) يمر بأرضينا ألم يكن لدينا أغنياء ؟!!.
السؤال
لماذا اليوم تعد امتنا من أفقر الشعوب لولا بعض النفط وبقايا الصناعات والتجارة
لمتنا من الجوع ؟.
وانا
أبحث عن الجواب الذي يمكنني من فهم ما حدث رأيت عدة أجوبة وناقشتها مع أصحابها قال
البعض أسباب الفقر والتخلف هو الاستعمار و أذنابه بعده نعم هذا صحيح لكن في الحقيقة
ليس سبب كافٍ أوربا كانت دولها تنهش بعضها البعض وتنتهب خيراتها وفيها من
المتسلطين ما لا يعد ولا يحصى مع ذلك نجدها اقتصادها قوي بمقارنتها مع الصين التي
كانت دولة فقيرة لولا سياستها الاقتصادية الحديثة لكانت تشحذ على أبواب أوربا بل
أصبحت ثاني أقوى اقتصاد في العالم وأقوى اقتصاد من ناحية النمو في العالم .
استنبطت
من التجربة الصينية أن العيب فينا وأسباب ضعفنا نحن من صنعناها واعتدنا عليها لهذا
بدأت بدراسة ما اسميتها ب "سياسة الحجي الاقتصادية"
فيها
أتناول الفرد (ما يعرف بالحجي صاحب تجارة أو صناعة يكون شخص غني جدا ولديه اموال
طائلة ) وبين سياسة الحجي في الدول.
سياسة الحجي الفردية
طالما الفرد أثر على المجتمع والمجتمع يؤثر على
دول فمثلا الحجي كان يشقى طوال عمره ليجمع رأس مال أو يورث المال عن أبيه فلا يحسن
تدبيره كثير من الصناعيين العرب استخدم الطرق التقليدية في صناعته ورفض تطويرها
بحجة أن أباه او جده كان شيخ الكار وأن ذلك الزمن هو أنسب له ومن جهة أخرى كثير
منهم لم يحسن التصرف بما لديه من مال فكان منهم الكريم والبخيل وكلاهما بدون تدبير
فمثلا الكريم يصرف المكافآت على العمال لديه تباعا حتى يحسوا أنه من حقهم هذه المكافآت
وخصوصا أنهم يحصلوا عليها دون سبب ودون عمل إضافي قاموا به فيضعف لديهم العمل
الجاد الذي ينتظر العامل منه مكافأة بعد القيام به والبخيل من كان يعطي عماله
أجورهم كأنه يتصدق عليهم مما يدفعهم إلى التساهل في العمل و والنقمة على صاحب
العمل .
لكن
إلى هنا يوجد ثروة لابأس بها لدى الأغنياء لكن المشكلة تحدث بعد وفاة الحجي بحيث
ينقسم الأبناء الى نوعين نوع يفضل كل فرد من ابنائه أن يكمل عمل أبيه مستقل و نوع آخر
نصفهم يرى من عمل والده عمل منتج ومنهم من يفتح مشروعه الخاص .
اما
القسم الأول الأخطر عندما يفتتح كل ولد من أولاد" صاحب المصنع " مصنع
مثل مصنع أبيهم وتضيع أموال
صاحب المصنع بين أولاده ينتج عنها ضعف في رأس المال وضعف في القدرة على المنافسة
في السوق العالمية او السوق المحلية على حدا سواء ولعل أن الأخوة ينتجون نفس
المادة ونفس الإمكانيات لديهم فهنا تصبح شركات الأخوة كأنها تنافس بعضها حتى تعلن
إفلاسها كلها أو تنجو منها شركة متواضعة الامكانيات .
أما
القسم الثاني من أولاد الحجي له نفس مشاكل الأول لكن بشكل أقل نوع ما فهنا يضيع رأس المال وتضعف قدرت الشركات
الناشئة من جديد على المنافسة مع الشركات القديمة في السوق .
أما
الشق الثاني الذي درسته من سياسة الحجي وهو الأهم أنه كان يتصرف بعاطفة وقرارات دون حساب جدوى اقتصادية كافية و لا يحب
الاستماع الى آراء الخبراء ودائما لديه الحجة ويقول أنا صاحب "مصلحة أب عن جد
" فلا تجده يطور نفسه في تجارته أو
صناعته بالعكس ما زالت الأساليب التقليدية يستخدمها في تعاملاته الاقتصادية.
أما بالنسبة لسياسة الحجي في الدول او حكام الدول
لا
تختلف كثيرا عن السياسة الفردية ،فمثلا من ايام الخلافة العباسية كانت
لديها من الذهب ما يبني حضارات أفضل من أوربا وصناعات أجود من صناعات أمريكا
والصين وكانت دولة مكتفية غذائيا و قوية
اقتصاديا فضلت البقاء على حالها حتى كانت الكنوز من الذهب والفضة تخزن في قصور
الخلفاء بدون استعمال حتى حصل عليه المغول بدون عناء وكأنهم فازوا "بجائزة من
اليانصيب"
سياسة
الحجي الاقتصادية نجدها بشكل كبير في دول الخليج لولا بعض الصناعات الخجولة من
فترة قصيرة لكن حكامها وسياسات دولها لا تختلف عن خلفاء الخلافة العباسية مازالوا
يخزنون الكنوز حتى تضيع كنوزهم بيد مغولي العصر " ترامب " وينهش من
المائدة اللحم ويرمي الفتات لهم فيضحك عليهم ببعض الأسلحة التي لا تسمن ولا تغني
عن جوع ولعل ابرز أهدافه تجفيف المنطقة من
رؤوس الأموال وإخضاع مناطقنا لعقود من الهيمنة الاقتصادية .
عبدالله جاموس
0 التعليقات:
إرسال تعليق